أربع طوائف ضلت في تفسير معنى ( لا إله إلا الله ) | الشيخ صالح العصيمي

2023/05/30 に公開
視聴回数 98,951
0
0
فمعنى قولك: (لا إله إلا الله): يعني لا معبود حق إلا الله؛ فـ (الإلهية) - وهي العبادة - كلها لله – سبحانه وتعالى –.
وقد غلط كثير من الغالطين في هذا الباب؛ ففسروا هذه الكلمة بغير تفسيرها الصحيح الذي دل عليه الكتاب والسنة، وقد ذكر المصنف – وفقه الله - طوائف أربع ممن غلط في هذا الباب:
* فالطائفة الأولى: أهل وحدة الوجود، من أتباع ابن عربي وابن سبعين وابن الفارض والحلاج، ممن يزعمون أن الله هو الوجود المطلق؛ فكل ما في الوجود هو الله؛ فمن عبد الصنم فقد عبد الله، ومن عبد الحجر فقد عبد الله، ومن عبد الشجر فقد عبد الله، ومن عبد الملائكة فقد عبد الله)!
كما قال كبيرهم الذي علمهم الدجل:
الرب عبد، والعبد رب ### يا ليت شعري من المكلف؟!

فإنهم يزعمون أنه لا ثاني في الوجود، ولا خالق ولا مخلوق؛ بل الوجود كله واحد؛ فمن عبد شيئا في الوجود كان موحدا، ومن أثبت الفرق بين الخالق والمخلوق كان مشركا!! تعالى الله عما يقولون علوا عظيما.
* والطائفة الثانية: علماء الكلام؛ الذين غلبت على علومهم الفلسفة والمنطق والجدل، وأوقعهم اتباع العقل وتعظيمه إلى الكلام في الشريعة بما لم يأذن به الله ورسوله ﷺ؛ فزعموا أن معنى (لا إله إلا الله): لا قادر إلا الله، أو لا خالق إلا الله، أو لا رازق إلا الله!
وعزب عن علم هؤلاء أن أهل الجاهلية الأولى كانوا يقرون بأن الرازق الخالق المدبر هو الله – سبحانه وتعالى –؛ فعندهم لا يحيي ولا يميت إلا الله، ولا يرزق ولا يمنح إلا الله، وهذا هو توحيد الربوبية، وليس توحيدا للألوهية والعبادة.
* والطائفة الثالثة: الجهمية والمعتزلة من نفاة الأسماء والصفات على حد سواء، أو نفاة الصفات فقط؛ الذين يزعمون أن التوحيد ما هم عليه من النفي وتعطيل الله – عز وجل - عما يجب له من الكمالات!!
فالمعتزلة يذكرون في أصولهم الخمسة: التوحيد، إلا أن توحيد المعتزلة ليس توحيد المؤمنين؛ فإن توحيد المعتزلة نفي الصفات عن رب العالمين؛ فهم يزعمون أن الله – عز وجل - لا سمع له، ولا بصر له، ولا علم له، ولا حياة له، ولا يد له! تعالى الله – عز وجل - عن قولهم.
فإن غاية قولهم تعطيل الرب – سبحانه وتعالى – عن كمالاته، حتى يؤول قولهم ذلك بهم إلى عده – سبحانه وتعالى – عدما؛ كما قال بعض السلف: «المعطل يعبد عدما، والمشبه يعبد صنما، والموحد يعبد إلها واحدا صمدا».
* والطائفة الرابعة: طوائف من المعجبين بالأفكار الحديثة المنسوبة إلى الإسلام من أهل التحزب والتفرق؛ الذين يزعمون أن معنى (الإلهية) أنها الحاكمية، وأن (لا إله إلا الله): يعني لا حاكمية إلا لله!! وهذا معنى باطل.
فإن القرآن والسنة شاهدان بأن الإلهية هي العبادة، والحاكمية هي جزء مما يجب لله – سبحانه وتعالى –، لكن الحق الأكبر الذي أريد من الخلق هو عبادة الله – سبحانه وتعالى –.
ولما كان فهم هؤلاء الأعظم لهذه الكلمة أنه لا حاكمية إلا لله، سهل عليهم هذا الفهم أن يمتطوا مطية كل مخالف ولو كان على غير الإسلام؛ ليتوصلوا به إلى مقصودهم من دعوى إعادة حكم الله – عز وجل -في الأرض؛ فسهل عليهم التآلف والتعاون مع اليهود والنصارى وأهل البدع والضلال؛ للوصول إلى هذه الغاية، وصار يدخل فيهم أهل الأهواء المضلة والبدع المردية؛ بل الأديان الباطلة، فربما كان في مجالسهم من هو يهودي أو نصراني؛ لأنهم يستعينون به - فيما يزعمون - على إعادة الحكم لله – عز وجل - في هذه الأرض!!
وما المنفعة من حكم لا يكون المعبود فيه هو الله – سبحانه وتعالى –؟! وكيف يرجى النصر والتأييد في إعادة الحكم إلى هذه الأرض - فيما يزعمون - ممن يعظم غير الله؟!
وقد صنف بعض معظميهم كتبا تنضح بالشرك في الإلهية، ومما يعجب له الإنسان أن صاحب هذا الكتاب كان جده من أكابر دعاة الموحدين من علماء جدة، ثم تحول إلى خارج هذه البلاد وتردت حال ذريته من بعده، حتى صار فيهم من يقع في شرك الإلهية.
ولكن التوحيد لا يحفظ بالأنساب والأحساب؛ ولكنه يحفظ بالفهم لكلام الله وكلام رسوله ﷺ.
فهذه الطوائف الزائغة كلها قد فسرت (التوحيد والإلهية) على خلاف ما جاء في الكتاب والسنة.
* أما أهل السنة والجماعة - من أهل الدين الصحيح والفطرة السليمة - فهم يعلمون أن تفسير هذه الكلمة: أنه لا معبود حق إلا الله.
وما أجلى هذا التفسير وأوضحه وأسهله وأسلسه وأجلاه وأبينه لمن عقل آيات القرآن الكريم والسنة النبوية! فهو يفهم أن هذه الآيات والأحاديث تدل جميعها على أن الإلهية هي العبادة، وأن معنى (لا إله إلا الله): لا معبود حق إلا الله.